المشاركة الشعبية كأداة فاعلة في التنمية المستدامة للتجمعات السكانية المتدهورة
أسامة محمد بهاء الدين حسن عين شمس عين شمس الهندســة الهندسة المعمارية الماجستير 2006
ملخص الدراسة:
المشاركة الشعبية كأداة فاعلة في التنمية المستدامة
للتجمعات السكانية المتدهورة
خلفيات المشكلة :
تعاني العديد من المناطق الحضرية في العالم من الكثير من المشكلات العمرانية الناتجـة عن التضخم السكاني، والنمو العمراني المتزايد، ولقد شهدت معظم المناطق الحضرية بالعالم العـديد من التغيرات في الأربع عقود الأخيرة في جميع المجالات منها السياسية والاقتصادية والاجتماعيـة، الأمر الذي أثر بدوره في العمران، حيث شهدت هذه المناطق الحضرية العديد من التطورات المتمثلة في هجرة السكان من الريف إلى المدن وما يتبع ذلك من مشكلات التدهور والتداعي العمراني.
ونتيجة لسير التحضر بخطى سريعة فقد صاحب ذلك تغير أساسي في الخصائص الاجتماعـــية والاقتصادية للسكان، ودون أن يصاحب ذلك استثمار متكافئ في الخدمات الحضرية والتي من بينـها الإسكان، وكذا نتيجة عدم إتباع سياسات واضحة لمواجهة هذا الفيضان البشري الذي أخذ يتمركــز يوما بعد يوم في المدن والتي أصبحت بدورها غير قادرة على الاستيعاب، بالتالـــي أصبحــت الاختيارات أمام هذا الفيضان صعبة للغاية في الحصول على سكن، وفي محاولة منهم للاستقرار في المدينة لا يجدون سبيلا أمامهم إلا إلى اللجـوء إلى السكــن في المناطق المتخلفة من المدينة، حيث يزيدون من أعبائها ويؤثرون بطريقة مباشرة أو غير مباشـرة في تدهورها عمرانيا وبيئيا واجتماعيا واقتصاديا.
""ونتيجة لذلك ظهرت المناطق المتدهورة عمرانيا(Deteriorating Urban Areas ) والتي أثرت سلبا على المجتمــع اقتصــاديا واجتماعيا وسياسيا، فأصبح من واجب متخذي القرار الأخذ دائما بزمام المبادرة للتوصـل إلـى حل حاسم لكل مشاكل التدهور العمراني، فيجب عليهم أن يتحركوا علـى كافة مستوياتهم لتنوير الجماهير وإثارة وعيهم ليس فقط للحفاظ على البيئة العمرانية بل و للإسهـام الايجابي في تطويرها ونشر لمسات الجمال والذوق والبهجة في أنحائها وإشاعة سلوك الانضباط واحترام القانون والانتماء والتحضر بين ساكنيها"" ومن هنا يأتي دور المشـــاركة الشعبية والمجتمعات المحلية كركيزة أساسية وكفكر ومفهوم للتنمية.
ومن ذلك تأتي مفاهيم التنمية المستدامة (Sustainable Development) كأحد المحاور التي يمكن الارتكاز عليها في حل مشكلات المناطق العمرانية المتدهورة، حيث يمكن من خلالها تطبيق أسلوب يتواءم مع طبيعة المشكلات القائمة من ناحية ومع متطلبات التنمية وسرعة إيقاع الحياة من ناحية أخري كبديل عن الأساليب التخطيطية السابقة ذات الآثار السلبية المتعددة مثل الهدم والإزالة والخلخلة وإعادة البناء.
وتعتبر القوانين و التشريعات المنظمة للعمران هي الأداة التنظيمية الأولى لمشروعات التنمية . وعلى الرغم من وجود هذه القوانين والتشريعات، إلا أن هناك فجوة قد تضيق أو تتسع بين التشريعات كنصوص قائمة وبين التنفيذ الفعلي لهذه النصوص بما يعجز عن تحقيق الأهداف المرجوة منها .
كما أن مشروعات الارتقاء بالبيئة العمرانية عن طريق التنمية المستدامة للمناطق المتدهورة ليست كمشروعات البناء تنتهي بانتهاء عمليات التشييد على مدى وجيز من الزمن، و لكنها عمليات مستمرة تتعامل مع المجتمع كما تتعامل مع البيئة العمرانية لتحقيق الاستدامة المطلوبة ، الأمر الذي يستدعي تنظيمات إدارية وفنية تلاحقه هذه العمليات و تقومها و تعدل من مسارها.
وهناك ثلاثة مداخل لإحداث التنمية للمجتمعات العمرانية المتدهورة :
الأول : يقوم على فكرة مسئولية الدولة و تحملها لبرامج و مشروعات التنمية .
الثاني : يقوم على أساس اعتبار مشروعات التنمية مشروعات أهلية خاصة .
الثالث : يقوم على فكرة التعاون بين الحكومة و الأهالي و المنظمات غير الحكومية من
خلال إتاحة الفرصة للأهالي للمساهمة في برامج التنمية.
وأصبح دور المشـاركة الشعبيــة(Community Participation ) في عمليات التنمية هو أحد المقومات الأساسية التي تقوم عليها تنمية المجتمعات العمرانية و التي أصبحت الأسلوب الأمثل أمام دول العالم الثالث للتواصل في عملية التنمية المستدامة.
الإشكالية البحثية :
تساؤلات بحثية ..
1ـ هل من الممكن التوصل إلى أسلوب تكاملية يمكن من خلالها التعامل مع المناطق المتدهورة مع الوعــي بالأبعاد المختلفة للمشكلات العامة بتلك المناطق؟
2ـ هل من الممكن الاعتماد على مساهمة المجتمعات المحلية كركيزة أساسية في تطبيق مفاهيم التنميـة المستدامة بأسلوب يتم التعامل من خلاله مع الأطر العمرانية والاقتصادية و الاجتماعية؟
3ـ هل من الممكن صياغة مدخل تتكامل بة جهود الجماعات المختلفة المؤثرة في عملية المشاركــة الشعبية، والمتمثلة في الحكومة المركزية والمحليات من جهة، والجمعيات المعتمدة على المجتمع والسكان من جهة أخرى، مع التركيز على دور المنظمات غير الحكومية كحلقة اتصال تدعم التعاون وتنسق الأنشطة بين الجهتين؟
ومن خلال التساؤلات السابقة تتضح أهمية المشاركة الشعبية في مشروعات التنمية المستدامة للتجمعات السكانية المتدهورة.
وفي ضوء ما سبق يمكن صياغة المشكلة البحثية كالآتي:
إن التدهور العمراني الحالي لا يمكن إن تقف الجهات الحكومية فقط في مجابهته، حيث أثبتت التجارب أنها لم تنجح في وضع حلول لمشكلات التدهور،كما أثبتت محدودية قدراتها في التدخلات التي تهدف إلى التنمية، وبالتي فان البحث يحاول توضح المشاركة الشعبية الفعالة، ودورها في التنمية المستدامة للتجمعات السكنية المتدهورة ويركز على دور المنظمات عير الحكومية كجهة مؤثرة تعمل كحلقة اتصال بين الحكومة والمحليات بمختلف مستوياتها من جهة، والجمعيات المعتمدة على المجتمع والسكان من جهة أخرى.
مجال البحث :
يتناول البحث إشكالية التدهور و التداعي العمراني و أهم الأسباب المؤدية لهذا التدهور وآلية تطبيق عملية التنمية المستدامة بالمشاركة الشعبية وذلك في محاولة للتعرف على النواحي الايجابية و السلبية لها وأسباب عدم فعاليتها، حتى يمكن رفع كفاءة هذه العمليات.
ويبحث في إشكالية المشاركة الشعبية ومساهمة المجتمعات المحلية كركيزة أساسية في التنمية المستدامة، وذلك من خلال مراجعة للمداخل الفكرية والنظرية والمقترحات التطبيقية للمشاركة الشعبية في عمليات التنمية في الدول النامية بصفة عامة، وفي مصر بصفة خاصة. وذلك في محاولة للتعرف علي النواحي الايجابية والسلبية منها وأسباب فعاليتها، حتى يمكن رفع كفاءة هذه العمليات وذلك من خلال:
• التعرف علي الجماعات المؤثرة في عمليات المشاركة .
• أساليب دعم التعاون بين هذه الجماعات .
• تحديد الأدوار والمسئوليات والمهام الموكلة لكل جماعة منهم بدقة حتى يمكن زيادة فاعلية هذه الجماعات.
أهداف البحث:
يمكن بلورة الهدف الرئيسي من هذه الدراسة فيما يلي:
طرح وتقييم أطار عام للمشاركة الفعالة بهدف زيادة فاعلية عملية المشاركة من خلال وضع أسس ومبادئ عامة لنجاح عملية المشاركة التي تؤدي بدورها إلي نجاح مشروعات التنمية المستدامة، ولتحقيق هذا الهدف للدراسة تم التعرض لمجموعة من الأهداف الثانوية شديدة الارتباط بالهدف الرئيسي وهي تتمثل في:
1- التعرف علي الإبعاد و المفاهيم العامة لعملية المشاركة الشعبية.
2- الجماعات المؤثرة في عمليات المشاركة الشعبية وأهمية دعم التعاون بين هذه الجماعات.
3- التعرف علي المنظمات غير الحكومية وتفعيل دورها في دعم ومساندة المجتمعات المحلية لنجاح مشروعات التنمية المستدامة.
منهج البحث:
هو منهج علمي عقلاني يعتمد علي مجموعة من الخطوات المنهجية الإجرائية المعتمدة علي الاستقراء والاستنباط وهو ينقسم إلي 3 مراحل أساسية:
أولا: صياغة قاعدة البيانات الأساسية وتشمل:
1- تحديد الهدف العام من البحث والأهداف الفرعية المنبثقة عنه.
2- صياغة المشكلة البحثية في صورة تساؤلات يحاول البحث الإجابة عليها.
3- تحديد وصياغة قاعدة المعلومات الأساسية والتي اشتملت علي نوعين من البيانات هما:
أ- بيانات متعلقة بالخلفيات و الأطر النظرية وتتضمن مداخل ومفاهيم التنمية المستدامة والمشاركة الشعبية وأساليب تطبيق تلك المفاهيم.
ب- بيانات متعلقة باستراتيجيات عمليات التنمية وفاعليات المنظمات غير الحكومية في إدارة تلك العمليات.
ثانيا: تحليل المعلومات والبيانات ووضع وبلورة الإطار وتشمل:
4- تحليل وصياغة الفكر النظري للكتابات والأدبيات المتعلقة بالتعامل مع المناطق المتدهورة وإبعاد ومفاهيم التنمية المستدامة واستقراء النقاط والاعتبارات الأساسية في عمليات المشاركة الشعبية مع تحليل فاعليات المنظمات غير الحكومية في التنمية المستدامة بهدف تدعم عناصر الإطار المقترح للمشاركة الفعالة.
ثالثا: تجريب الإطار المقترح وتشمل:
5- استنباط ملامح الوضع الراهن في مصر من خلال تحليل نماذج للتنمية المستدامة من خلال تطبيق مفاهيم المشاركة بهدف التعرف علي المحددات وما يتعلق بها من اطر تنظيمية وإدارية.
6- تقييم إطار العمل النظري من خلال تتبع فاعليات أسلوب المشاركة وذلك عن طريق التوثيق والتحليل للتجربة العالمية والمحلية.
7- استنباط المؤشرات والتعرف علي نقاط القصور وسلبيات الوضع الراهن في مصر وايجابياته وذلك من خلال تحليل للتجربة العالمية والمحلية.
ومن النقاط السابقة يمكن القول بأن البحث يتتابع من الناحية المنهجية في مجموعة من الخطوات تبدأ بتحديد المشكلة ثم تمر بمجموعة من المراحل:
صياغة الأهداف وأسلوب التناول ثم تكوين قاعدة البيانات وتحليلها بهدف صياغة الإطار المقترح ثم تقييم التجارب من خلال هذا الإطار ثم تنتهي هذه الخطوات بالنتائج و التوصيات.
مكونات البحث:
ينقسم البحث إلي ثلاثة مراحل فكرية أساسية :
المرحلة الأولي تشمل الباب الأول:
يعتبر هذا الباب بمثابة المقدمة التي تعطي خلفية وتعريف بآثار وملامح المشكلة التي سيتم التعامل معها في الدراسة وهي مشكلة التدهور العمراني بالمناطق السكنية المتدهورة. ويتم من هذا الباب التعرف علي أساليب التعامل مع هذه المشكلة لتأكيد الدور الواعي الذي تلعبه سياسات التنمية لمعالجة مشكلات البيئة العمرانية القائمة التي تعانى من مشاكل التدهور، ثم تركز الدراسة على التنمية المستدامة للمناطق المتدهورة كمدخل لإشراك المجتمعات المحلية في عمليات التنمية،
ينقسم هذا الباب إلى 3 فصول:
الفصل الأول:
التعرف علي مشكلة المناطق السكنية المتدهورة واعتبارها واحد من أهم المشكلات التي تواجه المناطق الحضرية،من خلال معايير تحديد التدهور، والسمات الرئيسية لتلك المناطق، وأسباب التي أدت إلي التدهور العمراني للمجتمعات السكانية، وتصنيف المناطق السكنية المتدهورة.
الفصل الثاني:
عرض لمفاهيم التنمية و أبعادها والفارق بين التنمية والنمو الاقتصادي ومنها إلي مفهوم البيئة، تم تعريف التوازن البيئي.
الفصل الثالث:
التعرف علي التنمية المستدامة وبدايتها وصياغة التعريفات لها ، ثم أبعادها الاقتصادية والبشرية والتكنولوجية والبيئية، وأهدافها، وركائز ومقومات التنمية المستدامة.
المرحلة الثانية تشمل الباب الثاني والثالث:
يمثل القاعدة البيانات الأساسية للدراسة.
ينقسم الباب الثاني إلى فصل واحد.
الفصل الرابع:
التعرض للمداخل الفكرية والنظرية لمفاهيم وتطبيقات عملية المشاركة الشعبية، كأهم ركائز التنمية المستدامة، مع التعرض للجماعات المؤثرة في عملية المشاركة.
الباب الثالث:انقسم هذا الباب إلى فصلين.
الفصل الخامس
يشمل هذا الفصل التعرف لمفاهيم وتطبيقات عملية المشاركة الشعبية في مصر، وتقسيم المشاركة الشعبية في مصر من حيث ارتباطها وتأثيرها علي عملية اتخاذ القرارات، ثم التعرض إلى الدوافع والمعوقات أمام المشاركة في مصر.
الفصل السادس:
عرض لدور المنظمات الغير حكومية في تفعيل المشاركة الشعبية في التنمية المستدامة من خلال دراسة تفصيلية للدوافع والمعوقات أمام المنظمات الغير الحكومية في مصر، ثم دراسة دور المنظمات الغير حكومية في التنمية المستدامة.
المرحلة الثانية تشمل الباب الرابع:
يعتبر هذا الباب بمثابة تجميع لنتائج الجزء النظري للدراسة، بهدف صياغة وطرح الإطار المقترح للمشاركة الفعالة، والذي يشمل مبادئ وأسس عامة مقترحة لزيادة فاعلية عملية المشاركة، بالإضافة إلى إطار عام لزيادة فاعلية المنظمات عير الحكومية.
ينقسم الباب الرابع إلي ثلاثة فصول:
الفصل السابع:
إطار المشاركة الفعالة للمشاركة الفعالة، و مبادئ وأسس عامة زيادة فاعلية عملية المشاركة، وإطار عام لزيادة فاعلية المنظمات عير الحكومية. وتحليل المهام والأدوار المختلفة في كل مرحلة من المراحل المقترحة ووضعها في صورة جدول لسهولة استخدامه في تقييم مشروعات التنمية المستدامة.
الفصل الثامن:
عرض لنماذج من التجارب العالمية الناجحة للمشاركة الشعبية و دورها في التنمية المستدامة من خلال المنظمات غير الحكومية في الدول النامية، وتقييم هذه المشاريع من خلال الإطار المقترح للدراسة.
الفصل التاسع:
توثيق وتحليل لتجربة محلية ناجحة تمت على أساس المشاركة الشعبية من خلال المنظمات غير الحكومية مع تحليل للأدوار والمهام التي قامت بها كل جماعة من الجماعات الأساسية المؤثرة في المشاركة ،يلي ذلك تقييم التجربة علي أساس الإطار المقترح لزيادة فاعلية المشاركة وتطوير أداء المنظمات غير الحكومية في إدارة مشروعات التنمية المستدامة.