أوجه التشابه والاختلاف بين الفن المصرى القديم والفن العراقى القديم

هدى محمود سيد أحمد حسن ماجستير 2008 300

 

   "     لقد تناولت في الباب الأول من تلك الرسالة المؤثرات المختلفة التي أثرت في تشكيل الحضارة الإنسانية في كل من حضارة مصر وبلاد العراق القديم .وكيف ظهرت فيهما الحضارة مبكرا عن ظهورها في أوربا أو في أي مكان آخر     بضعة آلاف من السنين .وتحدثت عن الظروف المناخية التي ساعدت علي الاستقرار والعيش في المنطقة التي نبتت فيهما مصر والعراق عكس الظروف المناخية التي أثرت علي أوربا والبلدان الأخرى من جليد وأنهار ثلجية مما أدي إلي سكن الإنسان في الكهوف والجبال ،في حين كانت الأمطار تروي السهول المنبسطة في أراضي مصر والعراق القديم وما يجاورها حيث نمت فيهما النباتات وعاشت الحيوانات وبذلك وجد الإنسان كفايته من الطعام ووجد الجنس البشري تربة خصبة ساعدت علي رقيه ومن ثم ظهر الإنسان المتحضر .وكذلك عن أهم عناصر تشكيل الحضارتين  وهما نهر النيل في مصر ونهري دجلة والفرات في العراق ،تلك العناصر جعلت من الأراضي المصرية والعراقية تربة خصبة صالحة للزراعة ساعدت علي استخدام الطاقات البشرية استخداما نافعا ،كما سهل العمل الجماعي في الزراعة كثيرا العمل الفني المشترك فيما بعد.                                                                                       

  

       ولقد بحث العراقي والمصري القديم عن القوة الخفية الخيرة والضارة والتي اعتقدوا أنها تتحكم في مصائرهم وحاولوا  اكتساب رضائها ومن هنا ظهر تأليههم للعناصر الكونية التي تناولناها .كما أصبح لكل إقليم إله خاص به ، وكان من بين تلك الآلهة معبودات قد أرتفع شأنها عن الآخرون وتبوأت مكانة عالية في مصاف الآلهة الرسمية.               كما اشتركت الحضارة المصرية مع الحضارة العراقية  القديمة فيما عرف بطقوس تأسيس المعبد والتي لا يمكن      لأحد غير الملك القيام بها كما اشتركا معا أيضا في طقوس سكب الماء المقدس وحرق البخور. وكان للآلهة الوسيطة في كلا الحضارتين دور كبير في الشفاعة لدي الآلهة الرئيسية كل ذلك أتضح من خلال الأعمال الفنية المختلفة .       

 

     أيضا كان للفكر السياسي اثر واضح علي تطور الأعمال الفنية في كلا الحضارتين حيث سجل اهتمامهم الشديد بفكرة الحق والخير والعدالة من خلال الآلهة التي صورها تردع الظلم وتقيم العدالة بين افراد الشعب لضمان حياة هادئة ولقد كانت"" ماعت "" هي ربة الحق والعدالة عند المصري القديم .أما ""أوتو"" السومري و""شماش"" البابلي  هو رب الحق والعدالة لدي العراقي القديم وأن كانت القوانين العراقية القديمة أسبق من القوانين المصرية المدونة وذلك لحاجة العراقي القديم الملحة لقوانين تردعهم عن الجريمة وتؤمن استقرار العلاقات بين الأفراد.                                              

 

أما الباب الثاني من الرسالة فلقد احتوي علي نتاج تلك الظروف البيئية والجغرافية وكذلك الأحوال الدينية والسياسية.فلقد ساعدت حياة الاستقرار التي عاشها المصري والعراقي القديم علي شواطئ أنهار النيل ودجلة والفرات علي أقامة مساكن مستديمة كانت في بداية الأمر علي هيئة أكواخ من سعف النخيل وكانت البداية البسيطة للمباني المعمارية الكبيرة فيما بعد كما سبق تقديمه .أما المقابر فلقد كانت تتشابه في بداية الأمر إلي حد كبير في طريقة وأسلوب الدفن حيث كان الموتي يدفنون تحت أرضية المنازل في الوضع الرحمي وبجوارهم بعض المؤن والأمتعة الجنائزية البسيطة وكان ذلك في العراق القديم في ""مرمدة بني سلامة ""و""العمرة ""أما في مصر فكانت قاصرة علي ""مصر السفلي"" .وبانفصال المقبرة عن المسكن كان ذلك بداية للعمارة الجنائزية في مصر                                                                

     أما المعبد الإلهي فكان في الأزمنة المبكرة علي هيئة كوخ من القصب يعلو مدخله صاريان ثم ما لبثت أن تطورت مواد البناء وإن لم يبقي من معابد الآلهة في الدولة القديمة غير أطلال معبد الشمس في الأسرة الخامسة .أما المعابد الجنائزية فكان لها الصفة الغالبة في العمارة الجنائزية وكانت تؤدي فيه الشعائر الجنائزية وتقدم القرابين لروح الملك المتوفي .أما المعابد العراقية فكانت كلها معابد إلهية لها غرض واحد وهو عبادة الإله ولقد تشابهت المعابد الرأسية العراقية (الزقورات) في روقيها وسموها مع هرم ""زوسر"" المصري في تدرجه من عدة مصاطب وإن كانا يختلفا معا في مواد البناء والغرض الوظيفي . أما المعابد الأفقية العراقية فكان لها تخطيط يشبه تخطيط المعابد الجنائزية المصرية القديمة

  

   أما التماثيل فلقد ظهرت أول ما ظهرت في كلا الحضارتين من خامات بدائية كاالصلصال حيث صنعت منه تماثيل صغيرة لنساء ذات ملامح غير واضحة وربما قصد منها أن تكون آلهات للأمومة .ثم استخدمت الخامات العديدة والترصيع لللأعين بخامات أخري آلا أن التماثيل ظلت غير واضحة تصور بشكل أجمالي ،وكانت توضع في المعابد لمقابلة الآلهة وضمان استمرارية الصلاة والتعبد .أما تماثيل المقابر والتي كانت بديلا للمتوفي والتي تميزت بتعددها وهي أشكال افتراضية للأوضاع المختلفة والحركات التي ترقب لحظة الانتعاش والإحياء والتي تميزت بها التماثيل المصرية .ثم انتعشت التماثيل في بداية العصور التاريخية وأصبحت تحمل أسس وسمات فن نحت التماثيل في العصور المتقدمة وهو الاهتمام برسم وتلوين أدوات الزينة الخاصة بالتماثيل وخاصة النساء وأيضا الشعر المستعار الذي نجده في تماثيل الرجال والنساء وكلاهما تميز به النحت المجسم المصري والعراقي القديم .                                         

       

   أما بالنسبة لتقاليد الشكل البشري التي أتبعت في أعمال النحت البارز والتصوير فكانت واحدة لذلك لا يلزم دراسة كلا منهما منفصلة عن الأخرى لذلك سواء في أعمال النحت البارز والتصوير المصري أو العراقي القديم .أن كانت هناك فروق أو اختلافات طفيفة حيث  كان يترجم الشكل البشري الى أوضح خصائصه ومميزاته بقدر المستطاع في وضع أطلق عليه ""الوضع التركيبي ""والذي نجح في إخراجه الفنان المصري والعراقي القديم أن كان المصري القديم قد قدم لنا نماذج شديدة الجمال والروعة لا مثيل لها . .بالإضافة إلي مشاهد تمثل الحياة اليومية من صيد وقنص وصناعات وألعاب رياضية ،وإن كانت الحضارة المصرية قد قدمت تلك المشاهد بشكل لا يتراءى في أي حضارة أخري مثلما ظهرت بهذا الكم والكيف في الفن المصري .                                                                 

 

     ولقد كانت بداية فن التصوير المصري والعراقي القديم علي الأواني واللوحات الفخارية وكانت تلون بألوان مستمدة من الطبيعة .وكانت تضم خطوط هندسية مبسطة ومحاولات لرسم الإنسان والحيوان والنبات .أما الرسوم الجدارية فلقد ظهرت أول ما ظهرت في أواخر عصر ما قبل الأسرات حيث بدأ اختفاء الرسوم التي تزين الأواني الفخارية وكان أول تلك الرسوم الجدارية في مصر هو""حائط مقبرة هيركنبوليس"" كذلك الوجهة الداخلية "" للمعبد الملون "" بتل العقير والتي تعد أقدم صور جدارية في العراق القديم .      

                                                                                         

     ولما كان من العسير استخدام جدران المباني اللبنية في العراق القديم لأعمال النحت البارز والتصوير فكانت بعض الأساطين والجدران تزين بمخاريط فخارية صغيرة تلون رؤوسها المستديرة بألوان حمراء وسوداء ومعها مخاريط حجرية أو مر مرية صغيرة ثم تعشق مجاورة إلي بعضها البعض في الجدران والأساطين  

      أما الباب الثالث فلقد احتوي علي دراسة عن الأختام الأسطوانية في مصر والعراق وأيضا الجعارين المصرية .وتحدثت فيه عن ظهور الأختام الأسطوانية في مصر وأنه كان منذ عصر ما قبل الأسرات واستمر حتى نهاية الأسرة الثانية عشر ولكنها ظلت معروفة بعد ذلك حتى نهاية الأسرة السادسة والعشرين ،ألا إن الجعران قد أحتل مساحة أكبر وأولوية عنه منذ الأسرة الثانية عشر ."


انشء في: ثلاثاء 6 نوفمبر 2012 08:42
Category:
مشاركة عبر