النظام القانوني لحماية جسم الإنسان
حبيبه سيف سالم راشد الشامسي, , عين شمس, الحقوق الدراسات العليا ,دكتور اه 2005 590
كان لزامًا أن يُعامل جسم الإنسان بما يليق بهذه المكانة ، ومن أجل ذلك عُقد الكثير من المؤتمرات وكُتب الكثير من الأبحاث والمقالات ، تحدثت عن هذا الجسم من نواحٍ مختلفة : دينية ، وطبية ، وسياسية ، وغيرها ، واتخذت كل ناحية من هذه النواحي هدفًا خاصًا بها.
أما ما يتعلق بالناحية القانونية ، فيمكن أن نُطلق مجازًا على الدراسات المتعلقة بجسم الإنسان وصف الظاهرة القانونية ، حيث بدا جليًّا اهتمام القانون مؤخرًا بهذا الجسم وأولاه من الرعاية الكثير.
ولقد كانت بداية دخول جسم الإنسان في دائرة القانون الوضعي في عام 1992 ، وذلك بعد جهود مُضنية بذلها رجال القانون ، أي بعد صدور القانون الفرنسي رقم(653/94) الصادر بتاريخ 29 يوليو 1994، والذي جاء ليضع نظامًا خاصًّا لجسم الإنسان ضمن القانون المدني.
حيث إن القانون المدني لم يكن مهتمًا إلا بحماية المال ، أما فيما يتعلق بحماية السلامة البدنية فقد عالجها من خلال قواعد المسئولية التقصيرية والعقدية ، فالجسم لم يكن في حد ذاته يثير مشاكل قانونية تستحق أن تكون موضوعًا من موضوعات القانون المدني ، لأن القانون لم تكن لديه سياسة عامة يُعالج من خلالها المسائل المتعلقة بالتعامل في الجسم ، ولكن كان يكتفي بحل المشاكل الطارئة كل على حدة.
وإذا كان التـفكير في جسم الإنسان يُطرح اليوم على الساحة القانونية ، فذلك يرجع سببه – بالتأكيد – إلى الطفرة الحاصلة في مجال العلوم الطبية الحيوية ، فالعلم يدفع القانون لإعادة النظر في نصوصه، ومراجعة مواده وذلك بصفة دائمة لمسايرة تطوره. ولأن عمليات زرع الأعضاء ، وعمليات تغيير الجنس ، وظاهرة الإتجار بمنتجات الجسم البشري ، وغيرها من التصرفات ؛ تدفعنا للتساؤل عما إذا كانت القواعد القانونية العامة تكفي لمعالجة التصرفات التي ترد على جسم الإنسان ، أم لا؟