الاتحاد الاشـتراكي العربي ودوره في الحياه السياسيه في مصر 1962 – 1976 م

حماده حسني احمد محمد, ,عين شمس ,الآداب ,التاريـخ, الدكتوراه 2003

كان قيام ثورة يوليو إيذاناً ببدء مرحلة جديدة فى تاريخ مصر الحديثة. وقد شهدت الآونة الأخيرة العديد من الكتابات والاجتهادات – على تباينها فى التوجهات والأهداف – عن جوانب شتى لثورة يوليو.

وعلى حين حظيت القضايا السياسية بمزيد من الاهتمام، واستأثرت بالجانب الأكبر من مجمل تلك الأعمال، بدت الدراسات المتعلقة بالتنظيمات السياسية محدودة، وجاءت فى الأغلب الأعم ضمن السياق العام للقضايا السياسية، وربما عاد ذلك فى جانب منه إلى محدودية الدور الذى لعبته التنظيمات السياسية على تعاقبها فى صنع السياسات العامة للدولة، قياساً بهيمنة وسطوة الجهاز التنفيذى فى مصر تاريخياً، وربما يرجع ذلك أيضاً إلى قلة المصادر المتاحة عن التنظيمات السياسية.

ومن ثم، فقد تصدى الباحث لدراسة هذه التنظيمات؛ ففى مرحلة الماجستير تناول هيئة التحرير والاتحاد القومى (1953-1961م)، وفى هذه المرحلة تناول الاتحاد الاشتراكى (1961-1976م). وعلى الرغم من أن تلك الفترة ليست وحدة زمنية متحدة الملامح والقسمات، مقارنةً بالفترة السابقة، إلا أنها تمثل فصلاً من فصول التطور التاريخى للحياة السياسية، وأن قضاياها الرئيسية والفرعية تتيح إمكانية رصد التحولات الاقتصادية والاجتماعية التى شهدها المجتمع المصرى، لاسيما وأن تلك التحولات تمثل فى مجملها الأساس الصلب للواقع الراهن.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الدراسة ليست معنية بالحديث فقط عن التنظيم السياسى بكل جوانبه، إذ يقتضى ذلك بالضرورة التعرض للإطار ا لدستورى الخاص بوضع التنظيم السياسى، سواء ما تعلق منها بالنواحى التنظيمية أو الشكلية بين سائر مؤسسات الدولة، أو بتلك المنوطة بجوانبها الموضوعية الكفيلة بأداء رسالتها وأهدافها. ولا يعنى ذلك إغفال هذه الجوانب كليةً، وإنما سيتم الحديث عنها حسب ما يقتضيه السياق العام للدراسة.

وقد تم تقسيم هذه الدراسة إلى تمهيد وسبعة فصول وخاتمة؛ وقد تناولنا فى التمهيد بإيجاز الأحزاب والقوى السياسية قبل عام 1952م، ثم موقف قادة الثورة من الأحزاب والحزبية عموماً، ثم حل هذه الأحزاب وإنشاء كلٍّ من هيئة التحرير والاتحاد القومى.

أما الفصل الأول فقد تناول الإجراءات التمهيدية التى سبقت قيام الاتحاد الاشتراكى، والمتمثلة فى اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى الوطنية، ثم مؤتمر القوى الوطنية وصدور الميثاق عام 1962م كأول وثيقة فكرية سابقة لقيام تنظيم سياسى. وقد عالج الفصل أيضاً البناء التنظيمى للاتحاد الاشتراكى.

وتناول الفصل الثانى نظام العضوية داخل الاتحاد الاشتراكى ومدى اشتراط هذه العضوية للالتحاق بالوظائف القيادية والترشيح للمجالس التشريعية والمحلية والنقابات، ومدى ما تحقق من مشاركة سياسية بالفعل. وشمل الفصل أيضاً دراسة تحليلية شاملة لكافة قيادات الاتحاد الاشتراكى.

أما الفصل الثالث فيتناول ما عرف باسم التنظيم الطليعى، وكشف بداية التفكير فى إنشاء هذا التنظيم، وأوضح لماذا كانت السرية التى أحاطت به وبدوره وأهم الأدوار التى لعبها، ثم ظروف تصفية هذا التنظيم.

وعالج الفصل الرابع علاقة الاتحاد الاشتراكى بسلطات الدولة الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، وموقع رئيس الجمهورية بالنسبة لما سبق. أما الفصل الخامس فيتناول العلاقة بين الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب، وبداية التفكير فى إنشاء المنظمة وتكوينها التنظيمى، وبرنامجها الفكرى، وتأثرها بالأحداث الداخلية الكبرى، ثم تقييمها.

أما الفصل السادس فسيتناول الاتحاد الاشتراكى والعمال، وذلك من خلال العلاقة بين أمانة العمال بالاتحاد الاشتراكى والاتحاد العام لعمال مصر، وكذلك العلاقة بين المستوى الأدنى المتمثل فى الوحدة الأساسية للاتحاد الاشتراكى والوحدات النقابية فى الشركات والمصانع.

وتناول الفصل السابع نهاية الاتحاد الاشتراكى وتفكيكه والانتقال إلى التعددية المقيدة.

وقد اعتمدت هذه الدراسة على ما توافر لنا من المصادر الأصلية، فى مقدمتها الوثائق غير المنشورة، حيث أتيحت للباحث فرصة الإطلاع على أغلب وثائق الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى التى جمعتها لجنة كتابة تاريخ الثورة والمحفوظة بدار الوثائق المركزية، وتشمل محاضر الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى ومحاضر اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى ومحاضر التنظيم الطليعى، وكذلك شهادات الضباط الأحرار أمام تلك اللجنة. كما اطلع الباحث على أرشيف وزارة العدل الذى يضم القضايا السياسية التى وقعت إبان فترة ا لدراسة، سواء كانت قضايا التحريض على قلب نظام الحكم أو قضايا الشيوعية، وقضية كمشيش وأنصار الطليعة العربية. كما اطلع الباحث أيضاً على مذكرات غير منشورة، منها على سبيل المثال مذكرات وزير الداخلية السابق سليمان حافظ، وهى على قدر كبير من الأهمية؛ نظراً للدور الذى لعبه صاحبها فى السنوات الأولى للثورة، ومذكرات وحيد رمضان قائد عام منظمة الشباب، وأوراق كمال الدين حسين وأحمد حسنين رئيس تحرير مجلة صوت التحرير ثم مجلة الشباب العربى، وأوراق المستشار يحيى الرفاعى.

وقام الباحث أيضاً بإجراء مقابلات شخصية مع عدد كبير من الشخصيات السياسية التى كان لإرشاداتها وآرائها قدر كبير فى ضبط المفاهيم والأحداث وتفسير الكثير من الأمور الغامضة. ولقد مثلت الدوريات مصدراً آخراً من مصادر الدراسة. وقد حرص الباحث على الإطلاع على معظم صحف ومجلات تلك الفترة، خاصةً الصحافة المعبرة عن الاتحاد الاشتراكى، بل استطاع الباحث الحصول على كافة أعداد نشرة "طليعة الاشتراكيين" السرية. هذا بالإضافة إلى البحوث والمؤلفات والدراسات التى تناولت جوانب متعددة من موضوع البحث، سواءً ما نشر منها باللغة العربية أو باللغات الأجنبية.


 


انشء في: سبت 21 فبراير 2015 14:01
Category:
مشاركة عبر