الصعوبات التي تواجه الباحثين في النشر العلمي المصنف

يعد النشر العلمي في المجلات العلمية المعترف بها دوليًا أحد أهم الطرق التي تتيح للباحثين نشر نتائج أبحاثهم في المجتمع العلمي العالمي. ومع ذلك، لا يخلو هذا النوع من النشر من التحديات التي يواجهها الباحثون في مراحل مختلفة من عملية البحث، بدءًا من الإعداد إلى القبول والنشر. ويمكن أن تكون هذه التحديات منهجية أو مالية أو لغوية أو نفسية وتختلف في حدتها حسب حالة الباحث وخبرته ومجال بحثه.

أول هذه التحديات هو معايير الجودة العالية التي تفرضها المجلات العلمية المحكمة. وتضع هذه المجلات متطلبات صارمة لقبول الأوراق البحثية. أي أن البحث يجب أن يكون مبتكرًا وذا قيمة علمية عالية وأن يقدم مساهمة حقيقية للمعرفة في هذا المجال. وهذا يعني أن على الباحثين أن يبذلوا جهدًا كبيرًا لضمان استيفاء أبحاثهم لهذه المعايير، كما أن مراجعة دقة المنهجية والنتائج تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين. وبالإضافة إلى ذلك، تواجه عملية مراجعة الأقران أيضًا تحديات كبيرة. فهذه العملية التي تعتبر أساسية لضمان جودة الأبحاث المنشورة قد تستغرق شهوراً وأحياناً سنوات. وخلال هذه الفترة، يتعرض الباحثون لضغوط نفسية كبيرة، خاصة عندما يتلقون تعليقات غير مواتية أو عندما يحتاجون إلى إجراء مراجعات كبيرة على أبحاثهم. وفي بعض الحالات، قد تكون تعليقات المراجعين متناقضة أو غامضة، مما يزيد من تعقيد عملية المراجعة. هناك أيضًا مشكلة  تحيز المراجعين، حيث يتم التعامل مع الباحثين من بلدان أو منظمات معينة بشكل غير عادل، مما يؤثر على احتمال قبول أبحاثهم.  تلعب الصعوبات الاقتصادية أيضًا دورًا مهمًا في صعوبات النشر. حيث تفرض العديد من المجلات الدولية، وخاصة المجلات ذات الوصول المفتوح، رسومًا باهظة على الباحثين لنشر أبحاثهم. ويمكن أن تصل هذه الرسوم إلى آلاف الدولارات ولا يمكن للكثير من الباحثين تحملها، خاصة في البلدان النامية. وهناك تحدٍ آخر يتمثل في الحصول على تمويل كافٍ لتغطية تكاليف البحث والنشر، حيث أن المنافسة على المنح البحثية شرسة ولا يمكن للجميع الحصول على منحة. كما تشكل الصعوبات اللغوية أيضًا عائقًا كبيرًا أمام العديد من الباحثين، خاصة أولئك الذين ليست الإنجليزية لغتهم الأولى. إذ تتطلب كتابة المقالات بلغة أجنبية درجة عالية من الكفاءة، وهو ما لا يمتلكه جميع الباحثين. وقد يؤدي ذلك إلى الحاجة إلى خدمات تدقيق لغوي مكلفة باللغة الإنجليزية أو إلى رفض الأوراق البحثية بسبب نقص اللغة، حتى لو كانت الأفكار العلمية ممتازة. أما اختيار المجلة  المناسبة  للنشر فيها هو تحدٍ آخر للباحثين. فمع وجود الآلاف من المجلات في مختلف التخصصات، يصعب على الباحثين تحديد المجلة الأنسب لأبحاثهم. ويتطلب فهم معايير التصنيف مثل عوامل التأثير ومعرفة المجلات الموثوقة والمفترسة خبرة ومعرفة لا يمتلكها كل باحث. ولا يمكن تجاهل القضايا الأخلاقية أيضًا حيث يُتوقع من الباحثين الالتزام بأعلى معايير النزاهة العلمية، بما في ذلك تجنب الانتحال والإفصاح عن تضارب المصالح. وقد يؤدي انتهاك هذه المعايير إلى رفض البحث أو إلحاق ضرر دائم بسمعة الباحث. أما التحديات المؤسسية الجامعية الأكاديمية الضغوط التي تمارسها المؤسسات الأكاديمية على الباحثين لنشر أبحاثهم في المجلات العلمية المحكمة.

يمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى إرهاق الباحثين، وفي بعض الحالات تقلل من جودة البحث. علاوة على ذلك، يشكل نقص الدعم المؤسسي، سواء من حيث التمويل أو البنية التحتية البحثية، عائقاً كبيراً أمام العديد من الباحثين. تلعب الصعوبات التقنية أيضًا دورًا في تحديات النشر. فمع تزايد اعتماد المجلات على المنصات الإلكترونية، يحتاج الباحثون إلى إتقان استخدام هذه الأدوات، وهو أمر صعب بالنسبة للبعض. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى مهارات تقنية لإدارة البيانات البحثية وتخزينها بشكل آمن، ولكن ليس كل الباحثين لديهم إمكانية الوصول إلى هذه المهارات. أخيرًا، لا يمكن تجاهل التحديات  النفسية التي يواجهها الباحثون. فعملية نشر الأوراق العلمية يمكن أن تكون مرهقة ومحبطة، خاصة عندما يتم رفض الأوراق بشكل متكرر. وقد يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة والإحباط، مما يؤثر على إنتاجية الباحث ورغبته في مواصلة البحث.

ويعد نشر مقال في مجلة معترف بها دوليًا عملية معقدة وصعبة. ومع ذلك، يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال تحسين جودة البحوث وتشجيع التعاون الدولي وتوفير الدعم المالي والمؤسسي للباحثين. يمكن أن يزيد إدراك أهمية النزاهة العلمية والالتزام بمعايير الجودة العالية من احتمالية النجاح في النشر العلمي.


انشء في: أحد 26 يناير 2025 07:41
مشاركة عبر